وكأنه لم يكن ينقص التوتر بين الولايات المتحدة والصين إلا منطاد، ففي بداية فبراير/شباط الحالي أسقطت مقاتلتان أميركيتان منطادا صينيا فوق سواحل كارولينا الشمالية، وكان المنطاد يحلق من ألاسكا إلى أميركا ثم كندا عابرا مناطق واسعة من التراب الأميركي.
وفي رحلة تيه للمنطاد استمرت عدة أيام هيمن الخبر على وسائل الإعلام الأميركية التي أفردت مساحات واسعة لتصريحات السياسيين والعسكريين، وكانت مفردة التجسس أكثر ما تردد على ألسن الجميع.
ورغم نفي الصين المتكرر وتأكيدها أن المنطاد لغايات رصد المناخ وتنديدها باستعمال القوة ضد منطاد للاستخدامات المدنية تاه عن مساره فإن واشنطن أصرت على أن المنطاد الصيني كان في مهمة تجسس على قواعدها في المحيط الهادي.
وحسب الاتهام الأميركي، فإن المنطاد ما هو إلا عين صينية للتجسس، وفي غمرة جدل المنطاد الصيني تابع برنامج "المرصد" (2023/2/20) انغماس وسائل الإعلام بقصص عن أجسام غريبة تسبح في سماء أميركا وفي فضاء الجارة الشمالية كندا.
وعلى مر التاريخ استخدمت المناطيد لأغراض عسكرية متنوعة كان أولها في الولايات المتحدة نفسها أثناء الحرب الأهلية بين عامي 1861 و1865.
واستخدمت البالونات المملوءة بالهيدروجين في الحرب العالمية الأولى، وكان لها دور مهم في توجيه نيران المدفعية وإلقاء القنابل وتحديد تحركات القوات المعادية، وبالتالي حسم الحرب الكونية.
وخلال الحرب العالمية الثانية أرسلت اليابان 9 آلاف بالون محمل بالقنابل إلى الولايات المتحدة لعبت دورا بارزا حينها ضد الغواصات في أوروبا لقدرتها على أن تحوم ببطء قربها.
أما في القرن الحالي فقد لعبت المناطيد دورا بارزا في حربي أفغانستان والعراق، وقد استخدمتها قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال اجتياح الضفة الغربية وأثناء الانتفاضة الفلسطينية الثانية.
وفي قضية المنطاد الصيني، سارعت وسائل الإعلام الأميركي إلى استضافة مواطنين من المناطق التي ظهر فيها المنطاد وأبدوا استغرابهم مما شاهدوه عاليا.
أما القنوات الصينية ففضلت التركيز على شؤونها الداخلية المختلفة، لكن وزارة الخارجية الصينية أعلنت أن المنطاد مخصص لتعقب الأحوال الجوية، وأنه خرج عن مساره بسبب الرياح الغربية ومحدودية القدرة على التحكم فيه، كما أنها عبرت عن أسفها لدخوله المجال الجوي الأميركي عن طريق الخطأ.
لكن هذه القصة الصينية لم تقنع حبكتها رئيس الدبلوماسية الأميركية أنتوني بلينكن الذي أعلن من كوريا الجنوبية تأجيل زيارته المقررة إلى الصين، معتبرا أن دخول المنطاد يشكل خرقا للسيادة الأميركية والقانون الدولي.
إرسال تعليق