أقيمت أمس الاثنين في العاصمة القطرية الدوحة جلسة حول "حلول الذكاء الاصطناعي لمكافحة تغير المناخ" على هامش المعرض الدولي للبستنة "إكسبو قطر 2023″، الذي يقام تحت شعار "صحراء خضراء.. بيئة أفضل"، للمرة الأولى في الشرق الأوسط وبدولة ذات مناخ صحراوي.
وحاولت الجلسة استكشاف مجالات التقاطع بين التكنولوجيا والعمل المناخي، وتسليط الضوء على الإمكانات الكبيرة للذكاء االصطناعي، ودوره في إعادة تشكيل نهجنا في التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه.
وجمعت الجلسة باقة من كبار الباحثين في مجال الذكاء الاصطناعي وعلماء البيئة وصانعي السياسات ورواد الصناعة.
الاستدامة والذكاء الاصطناعي
بدأت الجلسة بالحديث عن الاستدامة ودور الذكاء الاصطناعي في إيجاد حلول في هذا المجال، وقد تحدثت رئيسة قسم التنمية المستدامة والرئيسة التنفيذية للأعمال في شركة "كيو دي في سي" عذبة آل ثاني عن مساعدة الذكاء الاصطناعي شركات البناء على تقليل هدر الموارد، وإدارة المخلفات بشكل أكثر كفاءة عن طريق تحليل البيانات، إضافة إلى استخدام الذكاء الاصطناعي للارتقاء بمستوى الاستفادة من الطاقة المتجددة.
الذكاء الاصطناعي وتطوير المدن
وقالت عذبة آل ثاني إن شركات الإنشاءات التي لديها دور كبير في مجال تخفيف الانبعاثات التي تساهم في التغير الحراري، تقوم الآن بتضمين الذكاء الاصطناعي في أعمالها لتحليل الخطط الإنشائية بشكل أكثر كفاءة.
وأوضحت أن تكنولوجيا إدارة الموارد بواسطة الذكاء الاصطناعي ستصبح مع الوقت جزءا لا يتجزأ من المؤسسات والشركات التي تقوم بتعمير وتطوير المدن والبنية التحتية، حالها كحال الإدارات الأخرى من مالية وتكنولوجيا المعلومات والموارد البشرية.
وعن التطبيقات المتخصصة في هذا المجال، أشارت آل ثاني إلى أن تطبيقي "بارد" من غوغل و"شات جي بي تي" يستوليان حاليا على انتباه جميع المؤسسات، لكنهما ليسا مختصين في عمل خطط، سواء للإنشاءات أو مكافحة تغير المناخ، وعبّرت عن تفاؤلها بأن عصر الذكاء الاصطناعي المتخصص قادم وسيصبح الاعتماد عليه ضرورة وليس رفاهية.
وأشارت إلى أن الخوف من التغيير هو ما يدفع بعض المؤسسات والشركات وحتى الأفراد لمقاومة إدخال تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في أعمالهم، ومن هنا تكمن أهمية عقد هذه الجلسات والندوات المتخصصة في مجال إدخال هذه التكنولوجيا في المجالات المختلفة.
الذكاء الاصطناعي ليس عصا سحرية
من جانبه، طالب مدير إدارة الابتكار الحكومي في ديوان الخدمة المدنية والتطوير الحكومي الدكتور غانم السليطي بالنظر إلى تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي على أنها عامل مساعد للبشر في حل مشاكل التغير المناخي.
وذكر السليطي أن مشاكل التغير المناخي هي نتيجة لسياسات وأعمال الإنسان، وأن الذكاء الاصطناعي قادر على أن يمد الإنسان بالخطط والحلول لمكافحة التغير المناخي، ولكن الدول هي من تصنع الفارق عن طريق تبني هذه الحلول، والقدرة على تغيير نظرتها ونهجها حول المناخ ومشاكله.
ويرى السليطي أن الذكاء الاصطناعي ورغم أنه يوفر العديد من الحلول ويساعد العاملين في مجال المناخ على تحليل أفضل للمشاكل التي تواجهها البشرية في هذا المجال، فإنه جزء من هذا التحدي.
فعمليات الحوسبة الكبيرة التي تحتاجها برامج الذكاء الاصطناعي للعمل وإظهار النتائج، تؤثر بشكل غير مباشر على زيادة الانبعاثات التي هي جزء من مشكلة التغيرات المناخية.
وشدد السليطي على أن التكنولوجيا يمكنها أن تكون صديقة للبيئة في المستقبل، خصوصا إذا استطاع القائمون عليها تطوير وسائلهم كعمل خوارزميات تستهلك طاقة أقل، أو تصنيع شرائح "سي بي يو" -التي تشغل الحواسيب التي يعمل عليها الذكاء الاصطناعي- بكفاءة أكبر، مما يقلل الانبعاثات ويحد من البصمة الكربونية.
الذكاء الاصطناعي وقرارت البشر
وأكدت الجلسة على القدرة الهائلة للذكاء االصطناعي في تحليل البيانات، وتسهيل عملية اتخاذ قرارات أكثر استنارة وصياغة سياسات قوية.
واختتمت الجلسة بالأمل أن يسفر مثل هذا النقاش عن شحذ الهمم نحو تضافر الجهود وحشد الاستثمارات من أجل دعم الحلول القائمة على الذكاء الاصطناعي، والتي ستسهم بشكل فعال وستوفر عالما أفضل للأجيال القادمة، وتقدم الحلول لتسريع وتيرة تقدمنا نحو مستقبل أكثر استدامة ومرونة، وستعمل أيضا على مكافحة التغير المناخي.
إرسال تعليق