اختتمت أمس الأربعاء أعمال النسخة الـ11 لمؤتمر القمة العالمي للابتكار في التعليم "وايز 2023" التي عقدت في العاصمة القطرية الدوحة تحت شعار "آفاق الإبداع.. تعزيز الإمكانات البشرية في عصر الذكاء الاصطناعي"، وتواصلت على مدار يومين.
وجمعت القمة قرابة 7000 مشارك يمثلون مختلف الجهات المعنية بمجال التعليم، من بينهم قادة الفكر وصانعو السياسات والمبتكرون الشباب، وذلك لمناقشة انعكاسات الذكاء الاصطناعي وتأثيره على المشهد التعليمي العالمي.
ومن خلال تسليط الضوء على الجهود التعاونية التي تبحث في التحديات المعقدة في التعليم، كشفت قمة "وايز" عن الخلاصات التي توصلت إليها بشأن 7 مشاريع بحثية عالمية تتناول مجموعة من الموضوعات المتنوعة، مثل "تأثير المهرجانات التعليمية في بناء المهارات وتعزيز المجتمعات"، و"العلاقة بين رفاهية المعلم ورفاه الطلاب والمسار التعليمي"، و"التعليم والتوظيف للأشخاص ذوي الإعاقة".
وفي كلمة رئيسية خلال الحفل الختامي للقمة، ركز المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لمجموعة "ولفرام" للأبحاث في أوروبا كونراد وولفرام على الأهمية القصوى للتفكير الحسابي ضمن البيئات التعليمية في عصر الذكاء الاصطناعي، إذ سلط الضوء على العلاقة المتبادلة القائمة بين دراسة الرياضيات والأساليب الحسابية التي من شأنها تعزيز مهارات التفكير النقدي والإبداع، داعيا إلى منح الأولوية لاعتماد الأدوات الحسابية في أنظمة التعليم لمواجهة تحديات العالم الحقيقي.
وخلال جلسات اليوم الختامي للمؤتمر ذكرت نينا شيك -التي تعد واحدة من أوائل الخبراء الدوليين في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي- أن عالم اليوم يشهد تحولا في مسار التطور البشري، وأشارت إلى أن "الآلات على وشك إحداث تغيير عميق في أسلوب حياتنا وطريقة عملنا، وحتى في اختبار ما يعنيه أن نكون بشرا".
ونوهت شيك -خلال كلمة رئيسية ألقتها أمام أبرز قادة الفكر وصانعي السياسات ومبتكري التكنولوجيا والرواد الشباب من مختلف أنحاء العالم- إلى التقدم الهائل الذي تشهده قدرات أنظمة الذكاء الاصطناعي، معتبرة أنه "في عصر ثورة الذكاء الاصطناعي الذي نعيشه اليوم، سيصبح من الطبيعي وجود علاقة تكافلية وتكاملية بين الإنسان والآلة، بحيث يعملان معا ويكملان بعضهما البعض".
ومن جهته، تطرق مارك أوين جونز الأستاذ المشارك في برنامج ماجستير الآداب في العلوم الإنسانية والمجتمعات الرقمية بجامعة حمد بن خليفة، في محاضرة تحت عنوان "التفكير النقدي في العصر الرقمي.. الذكاء الاصطناعي ومحو الأمية المعلوماتية والمعركة ضد المعلومات المضللة"، إلى التحديات التي تواجه الأنظمة التعليمية في تحديد المعلومات الخاطئة ومواجهتها، مقدما جملة من النصائح بشأن الطرق التي يمكن للنظم التعليمية اتباعها لمواجهة الدعاية الناتجة عن الذكاء الاصطناعي.
وتضمنت محاضرته تحليلا معاصرا للتحيز الإعلامي، لا سيما في سياق الأحداث الجارية في فلسطين وقطاع غرة، وطرحت تساؤلات جوهرية عن محو الأمية المعلوماتية، والبنى التحتية الأساسية، وتقنيات التعلم.
ولاستقطاب المزيد من الاهتمام بشأن التحديات المستمرة التي يواجهها قطاع غزة، عقدت مؤسسة "التعليم فوق الجميع" الشريك الإستراتيجي لقمة "وايز 2023″، جلسة عامة خصصتها لمناقشة الحلول والمبادرات اللازمة لتحقيق التعافي التعليمي، واستكشاف إمكانية الوصول إلى البيانات والتقنيات الرقمية في المجتمعات المتضررة نتيجة الصراعات.
كما بحثت القمة في جلسة عن "الذكاء الاصطناعي من أجل الصالح العام"، مسألة التأثير الجماعي لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجالات البحوث والتعليم، بالإضافة إلى السياسة والإعلام والعمل الخيري، ودور هذه التطبيقات في تنشئة الجيل القادم من القادة القادرين على مواجهة التحديات.
وشاركت في الجلسة وزيرة التربية والتعليم والتعليم العالي بثينة بنت علي الجبر النعيمي التي سلطت الضوء على الجهود القطرية المستمرة، وخطط الدولة المستقبلية لدمج الذكاء الاصطناعي في نظامها التعليمي.
وقالت: إن "دولة قطر تعد من أوائل الدول التي اعتمدت مناهج وطنية للذكاء الاصطناعي من مرحلة الروضة حتى الصف الثاني عشر، وتهدف هذه المناهج إلى تأهيل الطلاب لدخول سوق العمل الذي بات يتطلب إتقان تكنولوجيا ومهارات الذكاء الاصطناعي بشكل متزايد".
وكانت حلقة نقاش تحمل عنوان "تمكين دول الجنوب العالمي.. بناء القدرات من أجل تقرير المصير"، جمعت مشاركين مثل ياسر بشر المستشار الأول للتحول الرقمي في مكتب رئيس مجلس أمناء متاحف قطر، وناريمان مصطفى الباحثة في معهد بروكنغز، إلى جانب آخرين، وذلك للبحث في كيفية تمكين دول الجنوب العالمي للقيام بدور أكثر تأثيرا في تشكيل خطاب الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى بحث طرق الحفاظ على سلامة المجتمعات المحلية واستقلالية الأفراد في ظل التوجه المتزايد نحو الأتمتة، كما ناقش المشاركون في الحلقة الأساليب الفعالة للحد من السيطرة على البيانات بما يسهم في تمكين الناس من التحكم ببياناتهم الخاصة.
يذكر أن قمة هذا العام شهدت مشاركة أكثر من 300 متحدث من الخبراء المحليين والدوليين في ما يزيد على 200 جلسة، تناولت مجموعة متنوعة من الموضوعات الهادفة إلى معالجة تحديات التعليم، إضافة إلى جلسات تشاركية وعملية عن التعلم وتقنيات الذكاء الاصطناعي.
إرسال تعليق