بعد 12 عاما من التوقف، يعود مسلسل "طاش ما طاش" مرة أخرى في جزئه الـ19 ليناقش قضايا المجتمع السعودي في إطار ساخر كوميدي.

مشكلات المجتمع السعودي التي ناقشها طاش في أجزائه الـ18 السابقة تغير الكثير منها في الوقت الحالي، وهكذا كانت الحلقة الأولى من الجزء الجديد بمثابة قفزة بالزمن؛ فالشخصيتان الرئيسيتان بالمسلسل انتقلتا بالزمن 8 أعوام للأمام، حيث وجدتا التغيرات التي حدثت في المجتمع وعلى رأسها قيادة السيدات للسيارات أو كشف الشعر وغيرها من المتغيرات المجتمعية التي حدثت خلال السنوات الماضية، وكأن المسلسل يحاول السفر بالزمن لمواكبة العصر الجديد.

يدور مسلسل "طاش العودة" مثل أجزائه السابقة في حلقات منفصلة ومتصلة في الوقت نفسه؛ وهي تلقي الضوء على ظواهر اجتماعية يتعرض لها البطلان بعد متغيرات كثيرة طرأت على المجتمعات الخليجية خاصة في السنوات العشر الأخيرة.

وتباينت حلقات المسلسل في جودتها، فهناك حلقات استحقت الإشادة، بداية من الحلقة الأولى "الصاعقة" التي كانت مدخلا جيدا لعودة طاقم العمل مرة أخرى وانتقالهم بالزمن عن طريق صاعقة نقلتهم 8 أعوام للمستقبل الذي هو الحاضر الذي نعيشه الآن.

وكذلك الحلقة الـ19 "شين باء واو" والمأخوذة من قصة حقيقية، فالحلقة ناقشت قضية المخدرات وتأثيرها على الشباب، وقد نالت إعجاب الكثيرين خاصة لحساسية القضية التي تتناولها وتأثير مخدر "الشبو" على الشباب وجعلهم يقومون بأفعال إجرامية تحت تأثير المخدر.

لكن لم تكن أغلب الحلقات على نفس مستوى الجودة ولا جودة الأجزاء السابقة من المسلسل وربما يرجع هذا لأسباب مختلفة من بينها ما يلي:

الكتابة

عانى المسلسل من ترهل في محاولة دمج القضايا التي يريد مناقشتها وعرضها في حلقة واحدة، وربما يعود ذلك لطبيعة المسلسل النقدية الساخرة بالأساس، فمحاولة الكتابة عن قضية بعينها ودمجها في حدث درامي مكون من حلقة واحدة هو أمر شديد التعقيد وربما ينجح الأمر وربما يخفق، وهو ما يتجسد في الحلقة الثانية من المسلسل "العين عليك"، حيث كانت الفكرة مستهلكة للغاية وقديمة وسبق تقديمها من قبل بعدة صور، فرجل الأعمال الفاسد الذي يحاول تذكر ماضيه وجرائمه حتى يعالجها، قديمة وتم تناولها مرارا بصور مختلفة، وحتى محاولة صنع كوميديا بين الزوج المشغول بأزمته ليلة زفافه وعدم قدرته على التواصل مع زوجته سبق تقديمها مرات عدة؛ وهكذا عانت الحلقة من التكرار والخفة أيضا.

التمثيل

الأزمة الكبرى في المسلسل هي التمثيل، فناصر القصبي وعبد الله السدحان وهما يجسدان الشخصيتين الرئيسيتين بالمسلسل يعانيان من صعوبة في تقمص الأدوار، وخاصة مع اختلاف الشخصيات ومواقفها، فمع استثناءات بسيطة مثل الحلقة الخامسة "بائع محتوى"، التي كان فيها اعتناء واضح بالشخصية وتفاصيلها والأزمات التي تعاني منها، كان هناك تكرار في التجسيد وأزمات الشخصيات وطبائعها، وكأنها نفس الشخصية كل مرة في مواقف مختلفة، وحتى مع اختلاف المواقف تتشابه ردود أفعال الشخصيات.

وعانت الشخصيات المساندة هي الأخرى من التهميش، فبسبب طبيعة المسلسل، تم التركيز على الشخصية الرئيسية وتراجعت الأدوار المساندة، وكأن الممثلين يلقون بالكلمات بدون فهم حقيقي لأزمة الشخصية التي يقدمونها وطبيعتها، فمثلا شخصية الابن الذي استولى على أموال عائلته في الحلقة الأولى، نجده يلقي بالكلمات من دون وعي بصراع الشخصية وتداعيات الموقف، حتى ولو كان العمل كوميديا بالأساس.

محاولات لإدراك العصر

حاول المسلسل كثيرا استخدام تقنيات العصر الحديث ومفردات "السوشيال ميديا" في دمج المسلسل العتيق بمفردات العصر الحديث، وكان هناك اجتهاد واضح في هذه النقطة، ولكنه كأغلب الأعمال الدرامية مؤخرا حاول الاستعانة بنجوم منصات التواصل الاجتماعي لدمجهم بالمسلسل مثل الإعلامية مها عبد الله ورهف القحطاني واللتان تحظيان بمتابعات كبيرة على إنستغرام، وربما لا تصلحان كممثلتين.

عانى "طاش- العودة" أيضا من أزمة هوية حقيقية، فمع اختلاف العصر حاول المسلسل الحفاظ على شكله القديم وطريقته في النقد والسخرية مع دمج الأفكار الحديثة والتكنولوجيا ولغة العصر المختلفة في 2023، وقد نجح المسلسل في بعض الحلقات في هذا الأمر، ولكن البعض الآخر عانى من فقدان هوية بالمقام الأول.

وربما يحتاج المسلسل إذا رغب صناعه في استكماله في مواسم قادمة إلى الوقوف على هوية العمل وطبيعته وهدفهم منه، مع ترك مساحة وفرصة لنجوم آخرين يتواجدون جنبا إلى جنب مع بطليه الحاليين.

"طاش- العودة" هو الجزء الـ19 من المسلسل السعودي الأشهر "طاش ما طاش"، من بطولة ناصر القصبي وعبد الله السدحان ويوسف الجراح وحبيب الحبيب وريماس منصور وتركي السدحان ومحمد الكنهل وإلهام علي ومحمد الحلواني وعدد من ضيوف وضيفات الشرف، وهو من تأليف عنبر الدوسري وأماني السليمي وعبد العزيز المدهش ومن إخراج محمد القفاص، ومكون من 20 حلقة ويعرض على قناة "إم بي سي" (MBC) ومنصة شاهد.

المصدر : الجزيرة


Post a Comment

أحدث أقدم