رغم إعلان الهدنة بين طرفي الحرب في السودان، فإنه لم يتم الالتزام بها وسط توالي التحذيرات من انهيار القطاع الصحي، فعدد المصابين لا يزال في ارتفاع مستمر في ظل غياب الإمكانيات الطبية اللازمة.
وجاء ذلك على خلفية ورود تقارير عن موجات نزوح من الخرطوم باتجاه مختلف الولايات، حيث أكدت مفوضية شؤون اللاجئين الدولية أن ما بين 10 آلاف و20 ألف لاجئ سوداني وصلوا إلى تشاد قادمين من دارفور، هربا من احتدام القتال.
وعن واقع الأوضاع الصحية والإنسانية في السودان بسبب المواجهات بين الجيش وقوات الدعم السريع، قال المدير الإقليمي لأفريقيا في اللجنة الدولية للصليب الأحمر باتريك يوسف -في حديثه لبرنامج "ما وراء الخبر" (2023/4/19)- إن انهيار القطاع الصحي في السودان يتجلى في شح المواد الطبية وكثرة الطلب على الخدمات الصحية نظرا لعدد الجرحى الكبير الذي يتوافد على المستشفيات بشكل مستمر، موضحا أن المستشفيات بدورها غير قادرة على توفير الكهرباء والغذاء ولا العلاج اللازم.
وفي حديثه عن الإجراءات اللازم اتباعها، أكد يوسف أنه يجب توصيل المساعدات الطبية للمستشفيات وضمان وصول الفريق الطبي إلى أماكن العمل لإنقاذ الجرحى، مشددا على خطورة عدم احترام وقف إطلاق النار من قبل طرفي الحرب، وارتفاع عدد المصابين في وقت تعجز فيه فرق الإسعاف عن الوصول إليهم.
أحداث دامية وبشعة
وفي وصفه لأحداث السودان، اعتبر المستشار في الأكاديمية العليا للدراسات الأمنية والإستراتيجية محمد جمال الدين أن ما يجري في الخرطوم من أحداث دامية وبشعة أمرٌ مؤسف للغاية، موضحا أن القتال لم يتوقف رغم إعلان الهدنة، إذ لم يكن هناك احترام لما تم الاتفاق عليه، مما يشكل هاجسا كبيرا للمواطنين الذين ينزحون من مناطق التوتر بشكل مستمر.
وأكد الكاتب والمحلل السياسي صالح جمعة أن الاشتباكات في السودان تزداد حدة وتتسبب في تدهور القطاع الصحي، و"هذا ما تؤكده التقارير المؤسساتية التي رصدت التحديات التي تواجهها المستشفيات"، معتبرا أن الظروف الإنسانية قد تكون السبب في التوصل إلى هدنة نظرا للمناشدات الدولية المستمرة.
غير أن جمال الدين حذر من عدم وجود آليات لمراقبة مجريات الهدنة بين طرفي الحرب، مما يضيف ثقلا آخر على تدهور الأوضاع في السودان نظرا لانعدام مراقبة دولية أو تقارير مؤسساتية تكشف من يخترق الهدنة ومن يلتزم بها.
تقارير وأرقام
وبحسب نقابة الأطباء السودانيين ووزارة الصحة بولاية الخرطوم، فإن نحو 60 مستشفى في البلاد خرجت أو على وشك الخروج من الخدمة جراء المواجهات بين الجيش والدعم السريع، وأن بعض هذه المستشفيات أصيب بشكل مباشر، في حين عجزت الفرق الطبية عن الوصول إلى مواقع عملها، وأُنهكت الفرق العالقة في المستشفيات منذ اندلاع القتال يوم السبت الماضي.
وبالنظر إلى ما تشير إليه الإحصاءات من إصابة نحو 3 آلاف شخص في المواجهات، فإن أعباء جديدة تضاف إلى القطاع الصحي المنهك أصلا، ويتعرض مصابون بأمراض الفشل الكلوي والسرطان والقلب إلى خطر الموت المباشر بسبب الأوضاع الجديدة.
وبموازاة التردي المريع الحالي في الوضع الصحي بحسب وصف المنظمات، فإن احتمال انتشار الأوبئة بسبب انتشار الجثث في الشوارع، والنقص الحاد في المواد الغذائية ومياه الشرب والكهرباء، يهددان بأيام عصيبة لنحو 8 ملايين شخص يعيشون في الخرطوم وحدها.
إرسال تعليق